الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
من الأدلة ما يكون يوم القيامة عند البعث يحشرون حفاةً عراةً غرلا بهما
ولما رأى النار فقال : رسم> إني آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ قرآن> رسم> ( القصص:29 ) رسم> فلما جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا قرآن> رسم> ( النمل:8 ) يعني: سمع نداء الله رسم> أن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ قرآن> رسم> ( القصص:30-31 ) هل تقول الشجرة هذا الكلام الذي ذكره الله تعالى : رسم> إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي قرآن> رسم> ( طه:12-14 ) رسم> يا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصَاكَ قرآن> رسم> ( النمل:9-10 ) ؟! هذا كلام لا يقوله إلا الرب سبحانه الذي ناداه.
وقوله: وقال عبد الله بن مسعود اسم> رضي الله عنه: رسم> إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء رسم> روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح: يكفينا أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر في كتاب التوحيد في باب قوله تعالى: رسم> حتى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قرآن> رسم> ( سبأ:23 ) حديث النواس بن سمعان اسم> رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> إذا أراد الله أن يوحي بالأمر، تكلم بالوحي، أخذت السماوات منه رجفة -أو قال: رعدة شديدة- خوفًا من الله عز وجل، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سُجَّدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله متن_ح> رسم> - وهذا صريح في أنه يكلمه الله من وحيه بما يشاء- رسم> فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله رسم> . وفي هذا دليل واضح على أن موسى اسم> وجبريل اسم> - عليهما السلام - كلا منهما سمع كلام الله، ولا بد أن يكون المسموع مفهوما لكل من سمعه.
وقوله: وروى عبد الله بن أنيس اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رسم> يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غُرلا بهما ، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب : أنا الملك أنا الديان متن_ح> رسم> رواه الأئمة واستشهد به البخاري اسم> حديث>
شرح: وهذا أيضا من الأدلة؛ وهو مما يكون في يوم القيامة، عندما يبعثون من قبورهم يحشرون حفاةً عراةً غرلا بهما - كما في بعض الروايات - ( حفاة ) أي: غير منتعلين؛ ليس عليهم أحذية ، ( عراة ) أي: ليس عليهم أكسية؛ عراة الأجساد، ( غرلاً ) أي: الرجال منهم غير مختَّنين؛ أي: أنهم كما بدأ خلقهم، وكما خرجوا إلى الدنيا يكون خلقهم كاملاً، يعود إليهم ما أزيل عنهم من تلك القُلْفة التي تقطع من مذاكيرهم في الصغر، فيكونون غرلاً.
( بُهْمًا ) قيل: إن معناه أنهم يغلب عليهم السواد من شدة الحر ومن العرق ونحوه، البُهْم: هو السواد، ومنه الكلب البهيم، وقيل: إن معناه أنهم لا يتكلمون كالبهائم، ولهذا قال في آية أخرى: رسم> فلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا قرآن> رسم> ( طه:108 ) يعني: أنهم شاخصة أبصارهم كما في قوله تعالى رسم> مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ قرآن> رسم> ( إبراهيم: 43 ) وقد ذكر في هذا الحديث أنهم إذا حُشروا يسمعون نداء الله تعالى، ينادي بنداء يسمعه من قّرُب كما يسمعه من بَعُد، يخبرهم بأنه ربهم ، وبأنه سوف يحاسبهم، وقد ورد في حديث آخر : رسم> فينادي آدم بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار متن_ح> رسم> . فهذا ونحوه دليل واضح على أن كلام الله تعالى مسموع، يسمعه من بَعُد ويسمعه من قَرُب. وقوله: وفي بعض الآثار أن موسى اسم> عليه السلام ليلة رأى النار؛ فهالته ففزع منها، فناداه ربه: يا موسى اسم> ؛ فأجاب سريعًا استئناسًا بالصوت ، فقال: لبيك لبيك، أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت؟ فقال: أنا فوقك وأمامك، وعن يمينك، وعن شمالك -فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى- قال: كذلك أنت يا إلهي، أفكلامك أسمع أم كلام رسولك ؟ قال: بل كلامي يا موسى اسم> شرح: هذا من الآثار الإسرائيلية التي تروى للاستئناس لا للاستدلال بها ، وقد قال عليه السلام : رسم> لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: ' آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم' متن_ح> رسم> ( العنكبوت:46 ) آية> الآية وكذلك قال صلى الله عليه وسلم : رسم> حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ... متن_ح> رسم> الحديث فهذا الأثر فيه: أن موسى اسم> لما أتى إلى الشجرة ناداه مناد، فقال: لبيك ... -إلى -. فعند ذلك سأل: أكلامك أسمع أم كلام رسولك ؟ قال: بل كلامي يا موسى اسم> .
وأما قوله: ( أنا فوقك، وأمامك، وعن يمينك، وعن شمالك.. ) فإنه يذكره بقربه، يعني: إني قريب منك، وإني أراك، وأنك لا تخفى عليّ. ولا ينافي ذلك صفة العلو والفوقية، حيث إنه أراد بذلك القرب والمعية، وعدم الغيبوبة عنه، أي: أنا عندك، وأنا قريب منك ولا يخفى علي من أمرك شيء، وبكل حال فهذا دليل على أن الله تعالى تكلم، وأنه أسمع كلامه لمن شاء، ومنهم موسى اسم> عليه السلام.
مسألة>